في ظل وتيرة التطورات المتسارعة التي يتسم بها عصرنا الحالي، تبرز أهمية دور وسائل ومنصات الإعلام الحديثة كأداة فعّالة في تشكيل الرأي العام وتنوير المجتمعات بقضايا الوطن وتحدياته، الأمر الذي يُمكن توظيفه في تعزيز مفهوم المشاركة المجتمعية وتفعيلها، بما يسهم في إطلاق العنان لإمكانيات الأفراد والمنظمات في بناء مستقبل مزدهر.
حيث تمثل وسائل الإعلام بوابات ونوافذ رئيسية على العالم، تنقل الأخبار والمعلومات، وتفتح مجالًا للنقاش حول القضايا المُلحّة، وتُسلط الضوء على التحديات التي تواجه المجتمعات، بما يسهم في رفع مستويات الوعي، وتعزيز القيم الإيجابية، وغرس روح المسؤولية الاجتماعية لدى أفراد المجتمع.
ومع التطور الهائل في تكنولوجيا ووسائل الاتصال، لم تعد وسائل الإعلام حكرًا على الدول أو مجموعة من الأشخاص، بل تحولت إلى منصات تفاعلية تُتيح للجمهور فرصة التعبير عن آرائه ومشاركة أفكاره، وأصبح لدى الجمهور – من خلال التعليقات والمحتوى المُنتج من قبل المستخدمين والنقاشات التي تُقام على المنصات المختلفة- القدرة على المساهمة في صياغة المحتوى الإعلامي، وتوجيه مسار الرسائل الإعلامية، وبالتالي تعزيز المشاركة المجتمعية وتفعيلها في كافة نواحي المجتمع ومجالاته.
نموذج رائد في التفاعل..
في هذا الإطار، تُعد المملكة نموذجًا رائدًا في التفاعل بين وسائل الإعلام والمجتمع، فمع انتشار استخدام الإنترنت وازدهار منصات التواصل الاجتماعي، أصبح الجمهور السعودي أكثر تفاعلًا مع الرسائل الإعلامية، وأكثر حرصًا على المشاركة في الحوارات العامة حول القضايا التي تهم المجتمع.
وجاءت رؤية المملكة 2030 كمحفز قوي للمشاركة المجتمعية، حيث حددت أهدافًا طموح تتطلب تضافر الجهود من جميع أفراد المجتمع، وقد لعبت وسائل الإعلام دورًا مهمًا في نشر الوعي حول هذه الرؤية، وتحفيز أفراد المجتمع على المشاركة في تحقيقها.
ونلفت النظر هنا إلى أن طريق التفاعل بين وسائل الإعلام الحديثة – وخاصة منصات التواصل الاجتماعي- والمشاركة المجتمعية لا يخلو من بعض التحديات، فعلى سبيل المثال، قد تُواجه صعوبة في التأكد من صحة المعلومات التي يتم نشرها عبر هذه الوسائط، أو صعوبة إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في الحوار العام، لكن من المتوقع مع استمرار العمل وانتشار التكنولوجيا، وتطور أدوات التواصل، أن تصبح تلك الوسائل أكثر تفاعلية، وسوف يتمكن الجمهور من المشاركة بشكل أكبر.
ختامًا، نؤكد أن وسائل ومنصات الإعلام الحديثة تملك القدرة على نشر وتعزيز قيم المشاركة المجتمعية، بدءًا من دراسة القضايا والتحديات المجتمعية وتسليط الضوء عليها، وصولًا إلى المساهمة في حلّها من خلال تحفيز التعاون بين أفراد المجتمع، وتفعيل المشاركة المجتمعية كأداة لضمان فاعلية المشاريع وتوظيف الموارد بكفاءة، ناهيك عن دورها في إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للمشاركين وتعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه العمل من أجل المصلحة العامة.